المهندس هونغ واي أون، مؤسس معهد التميز والقيادة المستدامة (RISEL) ومهندس كيميائي حاصل على عدة جوائز، هو قائد رؤيوي في مجال التنمية المستدامة والهندسة الكيميائية، ملتزم بدفع عجلة الابتكار وصياغة مستقبل أفضل لماليزيا وما بعدها.
مع استمرار توسع صناعة زيت النخيل في إفريقيا، أصبحت الأساليب المبتكرة لتحقيق الاستدامة ضرورية أكثر من أي وقت مضى. يقدم هونغ واي أون – المهندس الكيميائي والبيئي المعتمد، ومؤسس معهد RISEL – رؤى رائدة حول كيف يمكن لتثمين الكتلة الحيوية أن يُحدث ثورة في هذا القطاع على مستوى القارة.
"لا يمكننا الاستمرار في اعتبار الكتلة الحيوية لنخيل الزيت نفايات"، يؤكد هونغ. "كل شعيرة من الألياف، وكل عنقود ثمار مهمل يمثل فرصة غير مستغلة للابتكار والاستدامة".
هذا التوجه ذو أهمية خاصة لدول مثل نيجيريا وغانا وساحل العاج، حيث يشكل إنتاج زيت النخيل قطاعًا اقتصاديًا حيويًا في نمو مستمر. من خلال تطبيق تقنيات تثمين الكتلة الحيوية، يمكن لهذه الدول تحويل ما يُعد الآن نفايات إلى موارد ذات قيمة، ما يخلق مصادر دخل جديدة ويعالج التحديات البيئية في آن واحد.
يمتد دعم هونغ لتثمين الكتلة الحيوية إلى ما هو أبعد من الفوائد الاقتصادية، ليقدم مسارًا ملموسًا لخفض الانبعاثات. "تثمين الكتلة الحيوية ليس مجرد حل صناعي، إنه طريق لتقليل الانبعاثات الكربونية والتحرر من الاعتماد على الوقود الأحفوري".
إحدى أبرز الفرص تكمن في تحويل الكتلة الحيوية لنخيل الزيت إلى الإيثانول الحيوي، الذي يمكن مزجه مع الوقود التقليدي لتقليل استهلاك الوقود الأحفوري، أو ترقية الإيثانول لاحقًا إلى وقود طيران مستدام (SAF) عبر مسار "الإيثانول إلى النفاث".
"هذا المسار البديل يزداد أهمية"، يشير هونغ، "نظرًا لأن التركيز الحالي على مسار الأحماض الدهنية المُعالجة هيدروجينيًا سيواجه في النهاية محدودية في الإمدادات". ومع الاستخدام الكامل لزيت الطهي المستعمل، يصبح الإيثانول المستخلص من الكتلة الحيوية بديلاً أكثر استدامة وقابلية للتوسع لإنتاج وقود الطيران المستدام.
لا تقتصر إمكانات تثمين الكتلة الحيوية على الإيثانول فقط. إذ يمكن معالجة العناقيد الفارغة أيضًا لإنتاج البيوتانول، وهو وقود بديل مناسب للتطبيقات البحرية. وقد تجاوزت الأبحاث في هذا المجال المراحل المعملية والتجريبية، مع وجود خطط لمصانع إنتاج شبه تجارية قيد التنفيذ بالفعل.
وبالنسبة لمنتجي زيت النخيل في إفريقيا، تمثل هذه التطورات فرصة لتجاوز الطرق التقليدية وتأسيس صناعات أكثر تطورًا ووعيًا بيئيًا منذ البداية.
لعب هونغ دورًا محوريًا في تطوير معايير زيت النخيل المستدام الماليزية (MSPO). وقد ساهمت خبراته العميقة، خاصة في القطاع الأولي من السلسلة الإنتاجية، في تقوية إطار الاستدامة الماليزي.
"أرى أن MSPO على قدم المساواة مع المعايير المعترف بها عالميًا مثل RSPO. بل إن الحصول على شهادة MSPO إلزامي في ماليزيا، مما يعني أن كل قطرة زيت نخيل منتجة هناك معتمدة كمستدامة"، يؤكد هونغ. كما يدعو إلى تحسينات مستمرة في هذه المعايير. "لا يوجد معيار كامل أو مقاوم للزمن. المراجعة المستمرة ضرورية"، مشيرًا إلى أن أحد مجالات التطوير المستقبلية قد يكون تعزيز تتبع الانبعاثات الكربونية والإبلاغ عن البصمة الكربونية.
ويضيف: "إذا كانت شركة زيت نخيل تعمل على تثمين الكتلة الحيوية، فيجب الاعتراف بذلك ومنحها الائتمان المناسب. وربما يمكن لأنظمة الشهادات أن تتعاون بشكل أوثق مع آليات ائتمان الكربون لتحفيز الممارسات المستدامة".
ريسل وهونغ واي أون: قيادة الابتكار نحو مستقبل أكثر استدامة
يواصل هونغ واي أون عبر معهد RISEL الدعوة إلى نماذج التنمية المستدامة التي يمكن أن تُحدث تحولًا حقيقيًا في قطاعات الزراعة الإفريقية. "إنها ليست رحلة سهلة"، يختتم حديثه، "لكننا نرسم طريقًا جديدًا نحو تنمية صناعية مستدامة تدعم الدول في تسريع تقدمها نحو أهداف الحياد الكربوني".
بالنسبة لمنتجي زيت النخيل في إفريقيا، تقدم هذه الرؤية بديلاً جذابًا عن طرق التنمية التقليدية—بديل يحول التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية، ويضع صناعة زيت النخيل الإفريقية في طليعة الابتكار المستدام.
الاعتراف العالمي بالقيادة المستدامة
حصول هونغ على "حرية مدينة لندن" كأول مهندس ماليزي ينال هذا الشرف يسلط الضوء على الأهمية العالمية لأعماله. فهذه الجائزة، التي مُنحت لأسماء بارزة مثل ونستون تشرشل ونيلسون مانديلا، تضعه ضمن نخبة من الشخصيات التي أسهمت بشكل كبير في خدمة المجتمع، ما يعكس التأثير الدولي لجهوده في دعم الاستدامة والتميّز الهندسي.
تحديات التنفيذ: معوّقات وفرص
رغم الإمكانيات الهائلة، يقرّ هونغ بوجود تحديات أمام تطبيق تثمين الكتلة الحيوية. "الاستثمار الرأسمالي الكبير يمثل حاجزًا في هذه المرحلة"، لكنه يرى أن هذه العقبات يمكن تجاوزها من خلال تحقيق وفورات الحجم والدعم الحكومي المناسب.
ويتخيل سيناريو يتم فيه فرض مزج الإيثانول بالبنزين، وتُمنح الأفضلية للإيثانول المنتج محليًا من الكتلة الحيوية بسبب انخفاض بصمته الكربونية. "في هذه الحالة، يمكن أن ترتفع أسعار الإيثانول إلى مستويات تجعل تثمين الكتلة الحيوية مجديًا اقتصاديًا"، يقول هونغ.
ويختم: "مثل هذا النوع من السياسات يحقق فائدتين في آن واحد: تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض البصمة الكربونية لصناعة زيت النخيل".
المصدر: بزنس أنسيدر أفريكا