هل أصبح زيت النخيل المستدام هو الحل أخيرًا؟

April 15, 2025

من المقاطعة إلى الإدماج: هل أصبح زيت النخيل المستدام هو الحل أخيرًا؟

قبل سنوات قليلة، تعهدت عدة شركات كبرى باستبعاد زيت النخيل من منتجاتها بسبب مخاوف تتعلق بالاستدامة. لكن، كيف تغيرت الأمور اليوم؟ في هذا المقال الحصري، يفنّد "روبن برونسفيلد" من المائدة المستديرة حول زيت النخيل المستدام (RSPO) ثلاثة مفاهيم خاطئة شائعة.

مفاهيم خاطئة تضر بالاستدامة

زيت النخيل هو أكثر الزيوت النباتية استخدامًا في العالم، ويدخل في نحو نصف المنتجات المعروضة في المتاجر. ورغم أنه يتميز بالإنتاجية العالية وتعدد الاستخدامات، فإن النقاش العام حوله يظل غير دقيق ومفتقرًا للمعلومات.

صحيح أن إزالة الغابات عالميًا بلغت ذروتها في الثمانينات، لكنها تراجعت تدريجيًا منذ ذلك الحين. ومع ذلك، ما تزال مزارع النخيل الجديدة تسهم في فقدان الغابات والتنوع البيولوجي. فبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، يتم فقدان 10 ملايين هكتار من الغابات سنويًا، أي ما يعادل 40% من مساحة المملكة المتحدة، أو أكثر من 38,000 ملعب كرة قدم يوميًا. وتُظهر تقييمات المفوضية الأوروبية أن زيت النخيل مسؤول عن 8% من هذا الرقم، ومع كون 85% إلى 90% من الإنتاج العالمي يأتي من ماليزيا وإندونيسيا، فإن التأثير عليهما كبير.

ومع ذلك، فإن زراعة نخيل الزيت تحت ظروف مناسبة يمكن أن تُحسّن سبل العيش وتحافظ على المناطق البيئية ذات القيمة العالية، فضلًا عن مساهمتها في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الغذاء. وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) زيادة في إنتاج الزيوت النباتية قدرها 2.7 مليون طن سنويًا. لذا، من الواضح أن زيت النخيل سيلعب دورًا محوريًا، ويجب أن نحرص على إنتاجه بشكل مستدام.

الأسطورة الأولى: إنتاج زيت النخيل يعني استغلال العمال والمزارعين

من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا هو أن إنتاج زيت النخيل قائم على الاستغلال. لكن الواقع أن الإنتاج المستدام يعزز من رفاه العمال وصغار المزارعين.

فالمزارع المعتمدة وفقًا لمعايير RSPO تلتزم بحقوق العمال، وتضمن أجورًا عادلة وظروف عمل مناسبة، وسكنًا وخدمات صحية تلبي المعايير الوطنية أو تفوقها.

أما صغار المزارعين الذين يحصلون على شهادة الاستدامة، فإنهم يتمكنون من الوصول إلى أسواق دولية تقدم أسعارًا أفضل، ويتلقون دعمًا لتحسين ممارساتهم الزراعية، ما يؤدي إلى زيادة المحاصيل والدخل. على سبيل المثال، المزارعون المعتمدون ضمن برامج منظمة RSPO يحققون أرباحًا تزيد بنسبة 35% مقارنة بغير المعتمدين، بينما يكسب المزارعون المستقلون المعتمدون 89% أكثر من نظرائهم غير المعتمدين.

الأسطورة الثانية: إنتاج زيت النخيل يدمّر الغابات ويقضي على الحياة البرية

ليس المنتج هو المشكلة، بل الطريقة التي يُنتج بها. إذ يمكن لطريقة الزراعة أن تضر بالبيئة أو تحافظ عليها أو حتى تحسنها.

معايير RSPO تحظر إزالة الغابات، وتُلزم بالحفاظ على المناطق البيئية ذات القيمة العالية (HCV) وحماية التنوع البيولوجي.

في عام 2023، شهد نهر "لوبوك لارانغان" في إقليم "جامبي" الإندونيسي إعادة افتتاحه بعد مشروع استدامة استمر خمس سنوات بقيادة مزارعين مستقلين معتمدين من RSPO، حيث فرضوا حظرًا على الصيد والتلوث، واستخدموا العوائد من بيع شهادات الاستدامة في إعادة تأهيل ضفاف النهر وتكثير الأسماك ودعم الحراس المحليين.

تشير الدراسات إلى أن زيت النخيل المعتمد من RSPO له تأثير أقل على التنوع البيولوجي بنسبة 20% مقارنة بالزيت غير المعتمد في إندونيسيا وماليزيا.

كما أن لائحة إزالة الغابات الأوروبية (EUDR)، والتي تدخل حيز التنفيذ في ديسمبر 2025، ستلزم الشركات بإثبات أن زيت النخيل (وستة سلع أخرى) لا يساهم في إزالة الغابات، وأنه يُنتج وفق قوانين الدول المصدّرة. وهذه خطوة كبيرة نحو الشفافية، تدعمها منظمة RSPO.

واليوم، 88% من زيت النخيل الداخل إلى أوروبا في قطاع الأغذية والكيماويات حاصل على شهادة RSPO، ما يتجاوز متطلبات اللائحة الأوروبية التي تركز فقط على المشروعية والتتبع، بينما تغطي RSPO عناصر أوسع تشمل التنوع البيولوجي وحقوق العمال والمجتمعات المحلية.

الأسطورة الثالثة: الزيوت النباتية الأخرى أكثر استدامة من زيت النخيل

يُعتقد خطأً أن استبدال زيت النخيل بزيوت أخرى مثل زيت عباد الشمس أو الصويا أو اللفت حل أكثر صداقة للبيئة. لكن الواقع أن ذلك قد يؤدي إلى آثار بيئية واجتماعية أسوأ.

زيت النخيل يتميز بكفاءته العالية؛ فإنتاجيته للهكتار الواحد أعلى بكثير من الزيوت الأخرى. دراسة من WWF في ألمانيا أوضحت أن استبدال زيت النخيل سيزيد الحاجة إلى الأراضي الزراعية خمس مرات، لتصل إلى 1.85 مليون هكتار بدلًا من 397,000 فقط. كما أن استبداله بزيت جوز الهند وحده يمكن أن يؤدي إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة بنحو 309 مليون طن.

هل مقاطعة المنتجات التي تحتوي على زيت النخيل أكثر استدامة؟

زيت النخيل المُنتج بطريقة مستدامة يُباع غالبًا في أوروبا وأمريكا الشمالية. وإذا توقفت هذه الأسواق عن استخدامه، فلن يتوقف الإنتاج، بل سيُباع في أسواق أخرى ذات متطلبات استدامة أقل، ما سيؤدي إلى مزيد من الأضرار البيئية والاجتماعية.

لذا، يُعد دعم السوق المسؤول ودفع عجلة الإنتاج المستدام هو السبيل الأمثل.

الدعوة للإنتاج المسؤول والاستيراد المستدام

زيت النخيل ليس ضارًا بحد ذاته، ولكن طريقة إنتاجه هي ما يحدد أثره. ولهذا، يجب التركيز على دعمه فقط عندما يكون مستدامًا، من خلال الالتزام بالشهادات المعترف بها، وتحسين الممارسات، والتعاون بين مختلف الجهات.

الأساطير المنتشرة قد تؤدي إلى سياسات شرائية وسلوكيات استهلاكية تضر أكثر مما تنفع.

ولضمان مستقبل مستدام لهذه الصناعة، نحتاج إلى تعاون حقيقي بين المنظمات غير الحكومية، والجامعات، والشركات، والحكومات.

وتبقى المسؤولية على عاتق الشركات لتلتزم باستخدام زيت النخيل المعتمد، خاصةً مع اقتراب تطبيق لائحة إزالة الغابات الأوروبية.


المصدر: edie

أقرأ إيضا

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي

Tiktok logolinkedin logoinstagram logofacebook logoyoutube logoX logo

تواصل معنا

Email icon
.Copyright Zyotwdhon. All Rights Reserved ©