زيت الزيتون بطل لمشكلتين عكسيتين في الجارتين المغرب وتونس 

زيت النخيل أصبح وقودا لسيارات السباقات
December 28, 2024

بينما تعيش المغرب في مشكلة كبيرة في ارتفاع اسعار زيت الزيتون بسبب انخفاض الانتاج بشكل كبير، تعيش جاراتها تونس التي يفصل بينهم الجزائر فقط مشكلة عكسية وهي انخفاض اسعار زيت الزيتون والذي يؤدي لضعف الايرادات للمنتجين وللدولة كأحد اكبر مواردها التصديرية. 

في المغرب

أعلنت وزارة الصناعة والتجارة، عن إطلاق إشعار للمستوردين الراغبين في استيراد زيت الزيتون مع تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، وذلك في إطار الحصة المحددة بـ20,000 طن التي حددتها الحكومة لعام 2025. وفي هذا الصدد، وجهت وزارة الصناعة والتجارة إشعارا بهذا الشأن للمستوردين الراغبين في الاستفادة من الحصة التي نصت عليها قانون المالية لسنة 2025. 

ولتحقيق هدف توفير إمدادات طبيعية للسوق الداخلي، قررت الحكومة تعليق الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة المطبقة على زيت الزيتون من النوع “البكر” و”البكر الممتاز”، وذلك خلال الفترة الممتدة من الأول من يناير إلى 31 ديسمبر 2025، ضمن حدود الحصة البالغة 20,000 طن. وينبغي تقديم طلبات الاستيراد إلى الوزارة في موعد أقصاه 3 يناير 2025. وسيتم توزيع الحصة الجمركية من خلال لجنة وزارية مشتركة تضم ممثلين عن وزارات التجارة والزراعة، بالإضافة إلى إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة. 

ويأتي هذا القرار الحكومي استجابةً لانخفاض مستوى إنتاج الزيتون في المغرب. ومن جهة ثانية، فقد سبق وأن أفادت وزارة الفلاحة أنه يُتوقع ألا يتجاوز انتاج زيت الزيتون 950,000 طن خلال الموسم الزراعي الحالي، مسجلا انخفاضا بنسبة 11% مقارنة بالموسم السابق و40% مقارنة بالإنتاج المتوسط خلال السنوات العادية.

في تونس


تحولت فرحة المزارعين التونسي إلى خيبة أمل كبرى، بسبب الانهيار الحاد في أسعار زيت الزيتون، بعد توقع موسماً استثنائياً لمحصول زيت الزيتون.. لكن هذه الأماني تبددت مع انخفاض الأسعار العالمية والمحلية لزيت الزيتون مطلع نوفمبر الماضي.

كان العاملون في هذا القطاع الذي يعد ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي، يعوّلون على تحقيق إيرادات قياسية، خاصة بعد أن جلبت صادرات زيت الزيتون «الذهب الأخضر» في الموسم السابق عوائد كبيرة بلغت 5.1 مليار دينار (1.65 مليار دولار.

وبلغ حجم إنتاج الزيتون لهذا الموسم، نحو 1.7 مليون طن، وإنتاج زيت الزيتون 340 ألف طن بزيادة 50% عن إنتاج موسم العام الماضي، وفق المدير العام للديوان الوطني للزيت حامد الدالي، في تصريحات سابقة إلى إعلام محلي. 

أسباب تراجع الأسعار

تتوقع شركة «ديوليو» الإسبانية التي تعد أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم انخفاض الأسعار إلى 5 يورو (5.20 دولار) للكيلوغرام، وهو تراجع حاد عن المستويات المرتفعة التي تراوحت بين 9 و10 يوروات للكيلوغرام.

وفي تونس، اشتدت الأزمة أكثر بعد توقيف صاحب كبرى الشركات التونسية المصدرة للزيت بتهم فساد، وتوقف شركته عن شراء الزيت من المزارعين، وأربك السوق بشكل كبير، ما أدى إلى حدوث وفر في المعروض وتراجع حاد في الأسعار المحلية، وفق أستاذ الاقتصاد في «جامعة نابل» أرام بلحاج.

وفي الخامس من نوفمبر الماضي، أصدر القضاء التونسي مذكرة توقيف بحق رجل الأعمال عبد العزيز المخلوفي الذي يمتلك «مجموعة تشو» (CHO company) أكبر شركة تصدير لزيت الزيتون في تونس، مع 15 شخصاً بينهم وزير فلاحة سابق.

وجاء توقيف المخلوفي بسبب قضية «فساد إدارة بهنشير الشعال» لإنتاج الزيتون المملوكة للدولة، وهي أكبر مزرعة حكومية في تونس، وتعد إحدى أكبر مزارع الزيتون في العالم، ويبلغ عدد شجر الزيتون فيها نحو 400 ألف شجرة.

ومع تفاقم الأزمة، عجزت الحكومة ممثلة في «الديوان الوطني للزيت» عن التدخل الفعّال لإنقاذ الوضع، حيث يُعاني هذا الهيكل الرسمي المسؤول عن القطاع من مشاكل هيكلية مزمنة، أبرزها محدودية طاقة التخزين التي لا تتجاوز 60 ألف طن، وهي كمية ضئيلة مقارنة بالمحصول المتوقع  هذا العام.

قطاع حيوي

تحتل تونس مكانة عالمية بارزة في إنتاج زيت الزيتون، حيث تضم البلاد نحو 110 ملايين شجرة زيتون تُغطي مليوني هكتار، ما يمثل نحو 45% من الأراضي الصالحة للزراعة.

ويساهم هذا القطاع الحيوي بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، الذي بلغت قيمته 48.53 مليار دولار في العام 2023، وفقاً للبيانات الرسمية من البنك الدولي. كما يوفر نحو 50 مليون يوم عمل سنوياً لأكثر من 250 ألف عامل، غالبيتهم من النساء.

لكن خلف هذه الأرقام الإيجابية تكمن هشاشة واضحة. فتأثير أي أزمة في هذا القطاع يمتد ليشمل أكثر من 300 ألف عائلة تعتمد على زيت الزيتون كمصدر أساس للرزق، مما يجعل الأزمة الحالية تهديداً اجتماعياً واقتصادياً على حد سواء.

تهاوي الأسعار

شهدت أسعار زيت الزيتون هذا العام تراجعاً غير مسبوق، بسبب انخفاض سعر اللتر في المعاصر إلى أقل من 10 دنانير (3.2 دولار) مقارنة بـ 25 ديناراً (8 دولارات) في الموسم الماضي. فإن هذا الانخفاض الحاد جعل المواطنين يقبلون على شراء الزيت بكميات كبيرة وتخزينه في منازلهم، على حين يعاني المزارعون من خسائر فادحة، حيث لا تغطي الأسعار الحالية تكاليف الإنتاج.

ولم تتراجع أسعار زيت الزيتون وحدها، بل تراجع أيضاً سعر المحصول، حيث يوضح أنيس، أن انخفاض سعر الكيلوغرام إلى دينار واحد (0.31 دولار)، مقارنة بثلاثة دنانير (0.94 دولار) في الموسم الماضي، يثير قلقاً واسعاً في أوساط المنتجين الذين باتوا يواجهون صعوبات مالية كبيرة.

وتظهر بيانات الديوان الوطني للزيت، امتلاك تونس ما بين 1600 و1750 معصرة لإنتاج زيت الزيتون، إلى جانب 35 وحدة متخصصة في التعبئة والتعليب. وتحتل البلاد المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج زيت الزيتون بعد إسبانيا، بينما تتصدر قائمة الدول من حيث جودة المنتج.

تحديات كبرى 

تأتي هذه الأزمة في وقت يعاني فيه الاقتصاد التونسي من تحديات كبرى، فقد أعلن البنك الدولي، مؤخراً، عن خفض توقعاته للنمو الاقتصادي في تونس لعام 2024 إلى 2.1% مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 4.2%.

ومن هذه التحديات كما يوضح بلحاج انخفاض النمو الاقتصادي خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 0.2% مقارنة بـ1.1% في الفترة نفسها من العام الماضي.

ويشير أستاذ الاقتصاد، إلى أن تراجع أسعار زيت الزيتون، الذي يُعد مصدراً رئيساً للعملة الصعبة، يهدد بتفاقم الأوضاع الاقتصادية، حيث قد تقلل الأسعار المنخفضة من قيمة الصادرات هذا الموسم.

وبحسب بيانات الديوان الوطني للزيت، ارتفعت صادرات زيت الزيتون بنسبة 80% إلى 1.41 مليار دولار خلال الفترة من نوفمبر 2023 إلى يونيو 2024، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

إجراءات حكومية 

وفي محاولة لتخفيف الأزمة، أعلنت وزارة الفلاحة التونسية عن سلسلة من الإجراءات لدعم المزارعين وحماية القطاع، وتضمنت هذه الإجراءات شراء كميات من زيت الزيتون بأسعار تراعي السوق العالمية، وتمويل تخزين الزيت لدى المنتجين في حال استمرت الأسعار في التراجع.

كما قررت الوزارة التونسية تمديد آجال سداد القروض الموسمية للمزارعين وأصحاب المعاصر لمدة 3 أشهر.

ومن ضمن جهود حلحلة الأزمة، يسعى الديوان الوطني للزيت إلى التدخل بشكل أكثر فعالية من خلال شراء كميات من الزيت من مختلف المناطق التونسية، في محاولة لتخفيف الضغوط على المزارعين ودعم الأسعار في السوق المحلية.

ولذلك ربنا على الدولتين العربيتين التعاون في الأزمة لتعوض تونس ذات الانتاج الوفير المغرب التي تراجع انتجها لتمر الازمة على الدولتين بأقل الخسائر. 

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي

Tiktok logolinkedin logoinstagram logofacebook logoyoutube logoX logo

تواصل معنا

Email icon
.Copyright Zyotwdhon. All Rights Reserved ©